اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد الجزء : 1 صفحة : 368
[سورة البقرة (2) : الآيات 178 الى 179]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)
كُتِبَ من الكتب، وهو في الأصل ضم أديم إلى أديم بالخياطة. وتعورف في ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط، وأطلق على المضموم في اللفظ وإن لم يكتب بالخط، ومنه الكتابة، ويطلق الكتب والكتاب والكتابة على الإيجاب والفرض لأن الشأن فيما وجب ويفرض أن يراد ثم يقال ثم يكتب، ومنه «كتب عليكم الصيام» أى: فرض عليكم.
والْقِصاصُ: العقوبة بالمثل من قتل أو جرح. وهو- كما قال القرطبي- مأخوذ من قص الأثر وهو اتباعه ومنه القاص لأنه يتبع الآثار والأخبار وقص الشعر اتباع أثره، فكأن القاتل سلك طريقا من القتل فقص أثره فيها ومشى على سبيله في ذلك، ومنه فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً وقيل: القص القطع. يقال: قصصت ما بينهما. ومنه أخذ القصاص لأنه يجرحه مثل جرحه أو يقتله به. يقال أقص الحاكم فلانا من فلان به فأمثله فامتثل منه، أى:
اقتص منه» [1] .
فمادة القصاص تدل على التساوي والتماثل والتتبع.
والقتلى جمع قتيل، والقتيل من يقتله غيره من الناس.
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا فرض عليكم وأوجب القصاص بسبب القتلى. بأن تقتلوا القاتل عقوبة له على جريمته مع مراعاة المساواة التي قررها الشارع الحكيم، فلا يجوز لكم أن تقتلوا غير القاتل، كما لا يجوز لكم أن تسرفوا في القتل بأن تقتلوا القاتل وغيره من أقاربه.
فمعنى القصاص هنا أن يقتل القاتل لأنه في نظر الشريعة مساو للمقتول فيقتل به. وقد بين العلماء أن القصاص يفرض عند القتل الواقع على وجه التعمد والتعدي، وعند مطالبة أولياء القتيل بالقود- أى القصاص- من القاتل. [1] تفسير القرطبي ج 2 ص 245 طبعة دار الكتب المصرية سنة 1373 هـ.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد الجزء : 1 صفحة : 368